تاريخ كتب الأطفـال في أمريكا


تاريخ كتب الأطفـال في أمريكا
إن هذا التاريخ لا ينفصل عن إنجلترا خلال القرون : السابع عشر ، والثامن عشر ، والتاسع عشر .. ولكنه يبدأ في اتجاه خاص ومستقل مع بداية القرن العشرين .. لقد حمل المهاجرون بعضا من كتبهم وهم قادمون من أوربا ، واستخدمت في البداية ، واستمرت الاستفادة منها بعض الوقت إلى أن أصبح من الممكن إبداع أدب جديد للمجتمع الجديد والبلد الجديد الذي تبلور ، لكي يؤكد أن له ذاتيته الخاصة .. بل لقد استطاع فيما بعد الحرب العالمية – كما حدث في كافة المجالات – أن يسبق أوربا وإن يتجاوزها نتيجة لظروف عدة ، من أهمها تقدم التكنولوجيا ، وظهور عدد من الكتاب المبدعين ، هم ثمرة للحياة التي أتيحت للمهاجرين في هذا الجانب البعيد من عالمنا .. إذ سرعان ما انتهت مرحلة النقل والاقتباس والتقليد وبدأ كثيرون يضعون أقدامهم على طريق الابتكار ، وظهرت أسماء لمعت ، ولقيت إقبالا كبيرا لا في أمريكا وحدها ، بل أستطاع بعضهم أن يعبر الأطلنطي إلى أوربا والعالم .
المصدر : 
مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام - كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

نشأة أدب الأطفال فى فرنسـا

حتى سنة 1927 كان الآباء في فرنسا يهزون أكتافهم إذا ما سمعوا عن " أدب الأطفال " معبرين عن قيمته لديهم ، وهى لا تتجاوز قيمة العرائس أو اللعب ربما أقل ! .. إن الأطفال في فرنسا شأنهم شأن الأطفال في كل الدنيا في حاجة ماسة إلى " الأدب " ليرضى احتياجاتهم النفسية والعقلية والخيالية .. وإلا فكيف نخلق عقولا مفكرة خلاقة وفنانين مبدعين ؟ !
إن لفرنسـا ثقافة عريضة ، لكن هذا يعنى ما قلناه أن أدب الأطفال لم يكن له دور ما في تثقيف الأطفال وتربيتهـم ؟ ! إن الإجابة تكمـن في تحديث كبار كتـابهم عن طفولتهم ، وكيف قرأت لهم أمهاتهم خلالها ، وكيف تلقت " مارسيل بروست " هدايا عن ميلاده ، كتب جورج معاند ، هذا جانب والآخر أن الأطفال رضوا بما يقدم لهم من كتب سواء كانت للأطفال أو للكبار .. لذلك قرأ الأطفال خلال عدة أجيال أعمال كل من " هوجو ، ديماس ، صاند ، جول فيرن ، بلزاك ، الفونس دوديه ، موبسان ، أناتول فرانس " .
قرأ الأطفال كل هؤلاء دون أدنى احتجاج ، ولم يقولوا أنها ليست أعمالا مثيرة أو ممتعة ، بجانب بعض الأعمال المترجمة ، حتى أننا لا نجد أعمالا تستحق الذكر في مجال أدب الأطفال على مدى الخمسين عاما الماضية ، بل لا نجد كاتبا له أهميته – غير " أندريه موروا " – قد كتب شيئا للأطفال يمكن الوقوف عنده هناك ( الأمير الصغير ) سانت أكسوبرى ، ( جزيرة الزهار ) تشارلز فيلدراك ، ( حكايات قطة ) مارسيل أيميد ، ولقد كتبت هذه الأعمال للأطفال بأقلام مشهورة ونشك كثيرا في أن الأطفال قد فهموها أو استوعبوها ..
وقد أضيف إلى ذلك أخيرا أعمال " رينيه جوييه " و " جان برنهوف " عن ( الدب بابار ) وروايات ( كوليت فيفيميه ) .
وهناك عدد كبيـر من الجوائز لكتاب الأطفال المبدعين الخلاقـين .. لكن ما زالت الفكرة التي تسـيطر على الجميع أنه لا حماسة تجاه قراءات خاصة للأطفال في البيوت تخلف عما في المدرسة ، اكتفاء بها وبكتاب الكبار .. وذلك على الرغم من أن كثيرين يقولون أن بداية أدب الأطفـال كانت على يد " بيرو " الفرنسي .. وأنها خطت إلى الأمام كثيرا على يد " لافونتين " .. ونحن نتطلع كثيرا إلى دراسـة علمية حول أدب الأطفـال في فرنسا بعد هـذين الرائدين ، إذ أن المدرسة الفرنسـية الحـديثة لم تعد توافق على ضرورة توافق القراءات المنهج التعـليمية مع القراءات اللامنهجية الثقافية ، ويحـاولون أن يركبوا العالم في إنتاج أدب خاص وكتب للأطفـال ترقى في إبداعها إلى المستوى المعاصـر ..
المصدر :
مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1984كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

نشأة أدب الأطفال فى انجلترا

يبدأ تاريخ كتب الأطفال في انجلترا – ربما – في القرن الخامس عشر وساعد فرسان الملك آرثر ، وروبن هود خبر مثال ..
لكن المدرسة الواقعـية من المؤرخين تعتبر عام 1744 هو البداية بصدور كتاب ( صغير جميل للجيب ) عن " جون نيوبرى " ..
قبل ذلك كان الأخلاقيون يعظون ، وأصحاب الخيال من الأطفال لا يجدون ما يقتاتون به ، والمتعة مفتقدة في الكتب – ونشر نيوبرى نحو عشرين كتابا للأطفال من بينها ( أنغام الأوزة ، أغنيات للمهد ) .. ليس هناك نسخة واحدة من الطبعة الأولى وإن كانوا قد أعادوا طباعاتها ..
وجاءت نظـريات " جون لوك " حول التربية ، وقال أن حكـايات ايسوب وقصص العهد القديم صالحة لتعليم القراءة للأطفال ، لكنها تضيع في زحمة الكتب السيئة .. كان تأثير ذلك كبيرا خلال القـرن الـ 18 .. لكن التأثير الكبير حقا في الكتب التعليمية الخاصة بالأطفـال ، كان للفرنسي " جان جاك روسو " بنشره ( اميل ) سنة 1762 .. ولم يكن روسو وهو ينادى بضرورة ترك الأبناء ينمون وفق ( الطبيعة ) ، ولم يكن يدرى إلى أي مدى سوف تحتضن نظريته هذه بواسطة المدرسين والآباء في انجلترا ..
ويأتي كتاب " روبنسون كروزو " مثال لهذا التأثر ، وكم كان الإقبال على هذا الكتاب شديدا ، وإلى يومنا هذا ، ، كعمل ممتع ، قلده الكثيرون .. ثم ظهر " سيروالتر سكوت " الذي كتب ( حكايات جد ) ما بين 1828 – 1830 وقد أقبل الكثيـرون على كتبه لما فيها من إثارة وعاطفية .. وجاءت بعده " مس يونج " ممثلة للعصر الفكتورى ، ومعها آخرون منهم " كاترين سنكلر " التي قدمت ( بيت الأجازة ) وهو واحد من أهم كتب الأطفال تاريخيا ، لأنه كان يهدف إلى تغيير المادة التي يقرأها الأطفال ، ونجح في ذلك لأنه ظل يقرأ على مدى يتجاوز قرنا من الزمان ، فقد امتلاء ببهارات الخيال ، والضجيج ، والأطفال الذين يتمادون في الأعمال السيئة و الشقاوة المنقطعة النظير ..
وابتكر الأمريكي ( صامويل حودريش ) شـخصية ( بيتربارلى ) التي لقيت إقبالا كبيرا فيما بين 1827 – 1860 وبيعت كتبها بالملايين في أمريكا وانجلترا .
وقبل عصر ( أليس في بلاد العجائب ) ظهر عملان ..
1. أيام مدرسة توم براون " توماس هوفس 1857 "
2. أطفال الماء " شارلز كينجسلى 1863 "
والمؤلفان كان صديقين ويشتركان في الكثير من الأفكار السياسية والاجتماعية وتظهر أشعار " اسحاق واتس ، آن وجين تيلور ، وليم بلاك " ثم يجئ " ادوارد لير " .
وتعود الحكايات الخرافية في منتصف العصر الفكتورى بسبب ترجمة كل من " جريم أندرسون ، أسبيرتسون " .. وينتمي لهذه الفترة ..
• ملك البحر الذهبي " جون راسكن "
• الوردة والخاتم " ثاكرى "
ويظهر " لويس كارول " وأليس في بلاد العجائب .. وهى تعتبر من أهم – إن لم تكن أهم – معالم تاريخ أدب الأطفال في العالم .. وظهر في هذه الفترة " ماكونالد ، أوسكار وايلد ، أيدت نسبيت " .. ولهم مساهماتهم الكبيرة في بالنتين .. واشتهر الأمريكي " مارك توين ، روبرت لويس ستيفنسون " الذين استجلبا من الماضي قصصا رومانسيا حلوا .. ثم ترجم " جول فير " صاحب قصص الخيال العلمي ، وصاحبت هذه الفترة ( 1865 – 1910 ) مجموعة من الرسامين أشهرهم " كالديكوت " الذي رسم ( الشعر ) رسما رائعا .. ( اسمه تحمله جائزة الرسم في أمريكا ) .
وكانت الفترة من ( 1894 – 1908 ) من أزهى فترات كتب الأطفال ، ظهر فيها :
الأدغال .. كيلنج – الريح في شجرة الصفصاف .. كينيث جرهام – بيت الأرنب .. بياترس بوتر ، كما ظهرت بعدهم كتب " ايديث نسبت ، جيمس بارى ( صاحب بيتر بان الشهيرة ) " ويضاف إلى ذلك ( أليس ) وهذا في مجموعة يشكل تراثا فذا وضخما في أدب الأطفال الإنجليزى – والأمريكي أيضا ، فليس من السهل الفصل بين انجلترا وأمريكا في تلك الفترة ، وتأتى بعد ذلك أسماء :

• هوف لوفنج
• جون ماتسفيلد
• ميلن
• ترافيرس
• تولكين
• ايرك لنلكيتر
• مارى تورتن
• ريمرجودن
• لوسى بوستن
• بولين كلارك

وهؤلاء جعلوا من أدب الأطفال في إنجلترا سابقا لنظيره في كل دول العالم وفي الألوان الأخرى من كتب الأطفال ، لم تقد انجلترا نفس المستوى في القرن العشرين ( هناك آرثر رانسوم في المغامرة ، ولا نظير له في الآدب الأوربية الأخرى ) وفي الرواية التاريخية هناك " جوفرى تريز ، وروز مارى ستكليف ، ونويل ستريت تيد " .
أما الروايات التي تدور حول الحياة اليميوة ، والأسرة والكتب المصورة والكتب الغير روائية ، فقد كانت فقيرة إذا قورنت بالقصص الخيالية ، وهذا يقودنا إلى مقارنة مع أمريكا التي تبعت انجلترا وبادلتها التأثير في مجال كتب الأطفال إلى عام 1910 .
كانت المشكلة تتركز في حركة المكتبات .. ونموها في انجلترا ، وبخاصة الخدمة المكتبية للأطفال .. كان القليل من الاعتمادات يخصص للمكتبات .. ولم يكن هناك أمناء مكتبات مدبرون حتى سنة 1910 .. ولا ينقص هذا جهـود البعض الذين كسبوا خبراتهم من الممـارسة .. أما الباقون فكانوا يضعون الكتب في دواليب مغلقة ، أو يعطونها لمن يزيدون في العمر على 12 سنة ( هم أقدر على المحافظة عليها ) ، إلى أن صدر قانون المكتبات الجديد سنة 1919 الذي قرر أن للسلطات المحلية الحق في شراء كتب الأطفال ، وإنشاء مكتباتهم وفرض رسوم من أجل ذلك .. وكان هذا هو البداية الحقيقية لحركة المكتبات في انجلترا ..

وواكب هذا نشـاط في أمريكا في نفس الاتجاه مع مكتبات الأطفـال ، الأمر الذي أخذ بين أدب الأطفال .. لكن لم يكن هناك تعاون بين محرري كتب الأطفال وأمناء المكتبات .. مثلا أسبوع المكتبـات .. أسبوع كتب الأطفال .. لم تكن تلقى الاهتمام الكافي إعلاميا .. وبدأ تلخيص كتب الأطفال في عام 1936 في مجلة ( Junior Bookshelf ) .. وذلك بعد ظهور (Horn Book ) في أمريكا بنحو 12 سنة .. لكن لم يكن ما يعرض فيما يخص بما صدر سنويا ..
ولم يكن التدريب بالنسبة لمكتبات الأطفال ميسورا حتى سنة 1954 ، ظهر إتحاد مكتبات الأطفال بجانب اتحاد المكتبات ، تحت قيادة أمناء مكتبات الأطفال بدأت مكتبات المدارس في انجلترا عام 1930 ، وفي نفس الوقت الذي بدأت فيه في أمريكا .. وتشكل اتحاد المكتبات المدرسية منفصلا عن اتحاد مكتبات الأطفال ..
لهذا يمكن القول أن حل مشكلة كتب الأطفال تتركز في ثلاث نقاط ..
• النقد
• الاختيار
• الاستخدام

المصدر :مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1984كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

نشأة كـتب الأطفـال في أوربا

أوربا ليست مصطلحا جغرافيا فحسب ، بل هى مجال الأطفال – رغم اختلاف اللغة – تشكل ثقافة ذات طابع خاص ، جذورها عميقة إلى الحضارتين اليونانية والرومانية .. إن دولها – تتقارب أو تتباعد ، تتصادق أو تعادى إحداهما الأخرى – تبقى ذات طابع حضاري فيه الكثير من أوجه التشابه ، كثمرة لعصر النهضة واكتشاف البخار ، ثم الكهرباء .. والاختلاف بين بلدان أوربا لم يحل بينها وبين هجرة الأفكار والتجارب فيما بينها ، وتقليد كل منها للأخرى ، ومنافستها في محاولة للتفوق .
وكتب الأطفال في أوربا كانت في العصر الحاضر هى البداية وهى البذور للشجرة الوارفة الظلال ، التي امتدت فروعها لكل أرجاء الدنيا ، وازدهرت بفضل عدد من الكتاب الأوربيين الذين كان لهم الفضل في اقتحام هذا المجـال كمؤلفين مثل " أندرسون " أو رسامين مثل " كالدكوت " أو ناشرين مثل " نيو برى " .
وعلى الرغم من أننا سوف نتحدث عن كل بلد على حدة ، إلا أننا نرى أن هناك سمات كثيرة مشتركة فيما بين بلدان أوروبا يمكن استنباطها واستنتاجها وما أظننا بحاجة كبيرة إلى ذكرها ..
ومما لا شك فيه أن الدول الأوربية الاستعمارية حاولت أن تنشر أدبها في البلاد المستعمرة كلون من الغزو الفكري لأبناء تلك البلد ، ظهر كتاب يتعصبون لحضارة الغرب – وأوضح مثال " ريديارد كيلنج " شاعر الإمبراطورية البريطانية كما يسمونه – وكان مهمة هؤلاء الكتاب أن ينفذوا إلى عقول الأطفال على مستوى العالم لكسب عقولهم والسيطرة عليها ، بهدف إبقائهم وبلادهم مسـتقبلا في قبضة الدول المستعمرة ، والتي أصبح لكل منها فلسفته وأسلوبه .
ولقد ترك " ديكارت " بصمته على تفكير وعقل كل طفل فرنسي ، وحدث نفس الشئ بالنسبة للأطفال الإنجليز إذ فرض عليهم " باكون " أسلوبه في التفكير ، وسادت البرجمانية ، و "جون ديوى" الحياة التربوية في أمريكا .. ومن هنا كانت بذور الوحدة الفكرية بين أطفال كل بلد من هذه البلدان .
وسنكتفي بالحديث عن كبرى الدول الأوربية الغربية ، كنموذج لما يدور في كل القارة ، رغم إدراكنا أن ما يدور في الدول الصغيرة منها رائع ومذهل .. وظهور الكاتبة السويدية " استريد لندجرين " ، والكاتبة " تاف يانسون " الفنلندية على المستوى العالمي وحصولهما على جائزة هانز أندرسون أمر له دلالته ، لكن الدراسة طالت بنا ، وستطول ، الأمر الذي لا نملك معه إلا الاكتفاء بالنماذج .
المصدر :
مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1984كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

انشاء لجنة كتب الأطفال فى أمريكا

وقد أضيف الكثير إلى كتب الأطفال بإنشاء " لجنة كتب الأطفال " عام 1945 – بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية – وتنوعت الهيئات العاملة في هذا المجال وكثرت ، إلا أن الحركة النقدية التي صاحبت ظهور كتب الأطفال ما بين 1920 – 1940 وصلت إلى ذروة لم تصلها عمليات النقد فيما بعد ، إذ ظهرت دوريات متعددة ، كما أن الصحف اليومية حفلت بالكثير من الأعمدة التي ظهرت تتحدث عن كتب الأطفال في مجال النقد أسماء لامعة .
آنى كارول مورى ، مارى لامبروتون بيكر ، آنى تاكسترايتون ، ماريون كانبأي .
وبالطبع لم يظهر كتاب جديد خلال الحرب ، وإن ظهرت كتب كثيرة جيدة ألفها ورسـمها هؤلاء الذين رسخت أقدامهم من قبل في هذا المجال وطغت المشاعر الوطـنية على الكثير من الأعمال ، وأقل القليل منها عاش وبقى ولم يقف النقاد عندها طـويلا ، وإن بقى الأطفـال مقبلين على القراءة التي جاءتهم من السنين الخصـبة الماضية .. وبعد الحرب استقبلت أمريكا كثيرين من الوافـدين الذين عملوا في مجال كتب الأطفـال في بلادهم كمؤلفين أو رسـامين ومن لم يذهب منهم إلى أمريكا مضت إليها أعمـاله ، خاصة وقد ازدهرت حركة الترجمة ، وكانت الحكايات التي تدور حول الأسرة تلقى اهتماما واسـعا لواقعيتها ، كما أن الفانتزى والشعر كان لهما متذوقون ، كما اتسعت دائرة الكتب المصورة وتنوعت .. مع أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات ظهر اتجـاهان جديدان .. زادت سـلاسل الكتب غير الروائية وغير القصصية ، كما انتشرت قدامى كتب الأطفـال التي اجتذبت إليها إعدادا كبيرة ، خاصـة بين الأولاد ، واستمرت الخدمات المكتبية العامة للأطفـال وإن عانت من قلة العاملين فيها ، الأمر الذي أضطـر بعضها إلى إلغاء فقرة ( رواية الحكايات ) بواسطة أمناء المكتبات ، وكانت هذه الفترة تجتذب كثيرين إلى المكتبة لتدريبهم على ارتيادها ، والتعامل معها ، لتخلق منهم قراء في المستقبل .. أما في المدارس ، فقد أنصب الاهتمام على طلاب المرحلة الثانوية أما تلاميذ المدارس الابتدائية فكانت الخدمة المكتبية إذا امتدت إليهم تعتبر جانبا من مسئوليات المكتبات العامة التي تعير فصلا دراسيا مجموعة من الكتب أو تستضيف الفصل داخل المكتبة .. كان هذا قبل عام 1930 ، حين أنشأت مكتبة مركزية في المدرسة ، بعد أن دارت مناقشات مستفيضة حول أيهما أفضل مكتبة الفصل أم مكتبة المدرسة ، إلى أن انتصرت فكرة تبنى المدرسة للمكتبة ، وساعد على قيام هذه المكتبات إقبال الكثيرين على العمل كأمناء مكتبات ، بجانب ميزانيات المحليات التي رصدت لإنشاء المكتبات وتزويدها بالكتب .. وإن لم تلقى هذه المكتبات المدرسية نفس ما لقيته المكتبات العامة من عناية ، إذ كانت الأولى جزءا من المدرسة ، لا أكثر ، وهناك تعقيدات كثيرة حالت دون نموها بشكل كبير إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية ..
وفي عام 1950 وضعت لها الخطط والبرامج ، وفي عام 1960 وافق الكونجرس على تشريع خاص بها ، كان وراء ازدهارها في السنوات الأخيرة ، ولقي أمناء المكتبات تدريبا أفضل ، وتخصصا في عملهم ، وأصبحت هناك ميزانيات لبناء مكتبات مدرسية ، وإعطاء منح دراسية لمن يرغبون في المشاركة في هذا العمل ، كما أن أبحاثا ميدانية كثيرة أجريت لحل المشكلات على الطبيعة ، بجانب رصد الميزانيات لتزويدها بالكتب والمواد التعليمية .
وقد استفادت المكتبات المدرسية كثيرا من ذلك التشريع ، ووضعت مواصـفات عامة لها طبقت في أغلب الولايات ، وواكب ذلك اهتمام من جانب المنظمات والمؤسسـات والشركات لتقديم خدماتها ، خاصة في الفترة التي حدث فيها الانفجار المعرفي بل تخصص البعض في إنتاج ما تحتـاج إليه هذه المكتبات من رفوف ، ومقـاعد ، ومناضد ، ودواليب ، وبطاقـات إلى غير ذلك من مما ييسـر لها عملها ويعينها عليه .. كما أن مئات من قوائم كتب الأطفال بدأت تظهر من دور النشـر المختلفة لتواجه كل رغبات الأطفـال واحتياجات المدارس ، على أن المشكلة ظلت تكمن ولفترة طالت في قلة العاملين وندرتهم ، لأن المكتبة بدون العنصر البشرى لا تستطيع أن تؤدى دورها ، لعدم وجود من يرشد الأطفال إلى الكتب التي يقرؤونها.
وكان نجاح المكتبات المدرسية في اقتناء الكتب الخاصة بالأطفال هو السبيل إلى إنفاق ملايين الدولارات لشرائها ، مما جعل عجلة إصدار هذه الكتب تدور بشكل أسرع ، بل كثيرا ما لا تستطيع دور النشر الوفاء بمتطلبات هذه المكتبات ! ، وبالذات من الكتب التي يشتد عليها إقبال الأطفال .. بل أن بعض دور النشر تطبع ما تلقاه من تكليفات من الأجهزة التعليمية ، وبالذات من الكتب غير الروائية ، وكل الأعمار قادرة الآن على إختيار ما تشاء من كتب في مجالات العلوم والفنون والآداب ، بجانب الكتب المبسطة السهلة القراءة للأعمار الصغيرة وهى قد بدأت تحتل مكان الكتب الدراسية المقررة .. وهناك كتابان قديمان مازالا يجتذبان أنظار الأطفال من هذا اللون وهما : ( الدب الصغير ) كتبته " الزاهوبيلند " و ( قطة في قبعة ) عن " د. سويس " .
وهناك اتجاهان قد ظهرا أخيرا دون من جانب الحكومة الفيدرالية الأمريكية .. الأول إحساس المؤلفين والرسامين والمحررين وأمناء المكتبات بوجود نقص كبير في الكتب التي تدور حول الأقليات ، خاصة الزنوج .. وقد أصبحت منذ عام 1983 هناك قائمة – تزداد عاما بعد عام – من الكتب التي تتحدث عن الزنوج للأطفال ، والثاني الاهتمام بالطبقات التي لا تستطيع شراء الكتاب ، وظهرت لهؤلاء طبعات شعبية رخيصة ، وإن كانت جميلة المظهر ، وجذابة .. وقد انتشرت بشكل كبير إلى وقت قريب .. ثم بدأت تنحسر الموجة كي تعود الكتب ذات الأغلفة السميكة المقواه .
ولقد كان لى فرصة إلقاء نظرة طائر – كما يقولون – على كتب الأطفال في الولايات المتحدة ، من خلال زيارة لها ( أكتوبر – نوفمبر 1983 ) ، لكي أواكب ما يجرى على ساحتها ، ولتضييق الهوة بين ما نقرأ عنها ، وبين حقيـقة واقعها ، وإذا بالواقع يتجاوز ما ينشر ويكتب رغم المحاولات الدؤوبة للمتابعة والمواكبة ، إن ما صدر في أمريكا للأطفـال يزيد عدده على مائة ألف كتاب للأطفال ، وهى قرابة 30% مما صـدر من كتب الأطفال عالميا ، الأمر الذي ندرك منه حفـاوتهم بكتاب الطفل ، لأن عدد الأطفال لديهم لا يزيد كثيـرا عن عددهم في الوطن العربي .. وكتبنا لا تصل إلى أربعة آلاف كتاب ! .. وعدد النسخ المطبوعة لديهم بالنسبة لما عندنا أضعـاف مضاعفة .. وأعرف أن المقارنة غير واردة ، ولكننا نتحدث عن " المستقبل " .. أنهم يهيئون أطفالهم للاستمرار في التفوق على العالم بهذه الطريقة .
المصدر :
مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1984كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

الفترة الذهبية لأدب الأطفال فى امريكا

البعض يرى أن الفترة الذهبية لأدب الأطفال في أمريكا تقع ما بين : 1920 – 1950 ، ويركزها آخرون فيما بين 1925 – 1940 .. ، والكتب التي ظهرت في تلك الفترة مازالت تلقى الإقبال ، والسر في ذلك ليس حماسة الآباء والكبار لها ، ولكن نظرة فاحصة إلى مكتبة حديثة للأطفال ، تزدحم بهم ، سنجدهم تلقائيا يتجهون إلى اختيارها في طبعاتها الجديدة .. ولا شك أن ( هورن بوك مجازين ) التي ظهرت عام 1924 من أسباب ازدهار كتب الأطفال في هذه الفترة ، فقد صدرت بجهد كبير بذله الإتحاد النسائي ومس " بيرتا ماهونى " بالذات ، وكانت تعد قوائم كتب الأطفال بشكل دائم ومستمر ولكنها أحست أن الأمر يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك ، إن يتحدث الفنانون والكتاب وأمناء المكتبات عن هذه الكتب ، لذلك صدرت هذه المجلة الفريدة في الوقت المناسب ، ومازالت تصدر إلى يومنا هذا ، أي على مدى ستين عاما كاملا ، كجانب ضروري من جوانب الاهتمام بكتب الأطفال .. وهناك حدث آخر كبير وقع في تلك الفترة ، نعنى به إنشـاء جائزة نيوبرى لكتب الأطفال عام 1922 ، وتمنح لأحسن كتاب يصدر للطفل ، ويكتبه مواطن أمريكي ، أو شخص مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية ، والجائزة سنويا يمنحها اتحاد أمناء المكتبات عن أحسن كتاب صدر في العام السابق ، وكان أول من حصل عليها " فاندريك فان دى لون " عام 1922 عن كتابه ( قصة البشرية ) ( ترجمه إلى العربية الأستاذ / إبراهيم زكى خورشيد ، وصدر عد دار الشعب غير أن أسلوب ترجمة الكتاب ليست في مستوى الأطفال بل يتجاوزهم كثيرا ) ومنذ ذلك الحين تنعقد لجنة من 17 شخصا لتختار الفائز بهذه الجائزة في كل عام ، وإن كان يقال أن الكتب الفائزة بهذه الجائزة هى الكتب التي يود الكبار أن يقرأها الأطفال ، وليست الكتب التي يستمتع الأطفال بقراءتها .. على أن هذه الفكرة ذاتها تناقش كثيرا ، وتثرى عاما بعد عام حقل كتب الأطفال بمزيد من الآراء والاتجاهات المفيدة والمثمرة .
وكتب هذه الفترة يمكن تقسيمها إلى مرحلتين ..
الأولى 1920 – 1930 ، وهى مرحلة واكبت تقدم الطباعة ، والتجارب المتنوعة للكتب بأشكالها المختلفة ، ومحاولة دءوبة للوصول إلى عالمية الأفكار المتداولة في هذا المجال .
والثانية 1930 – 1940 ، وكانت سنوات الكتب المرسومة المصورة وقصص " هنا والآن " والقصص التاريخية الحية ، والقصص العائلية الواقعـية ، وطبعات جديدة رائعة من القصص الشعبى القديم ، بجانب الخيال الجديدة ، والسير ، والعلوم .. إنها كتب تحترم موضوعها وقارئها ، إنها في إيجاز ثروة من الكتابة الرائعة تلقى الإقبال الكبير والاستجابة الشديدة من قبل الأطفال ..
وقد قامت معركة حول كتب الحكايات الخرافية للأطفال – في أمريكا كما حدث ذلك في كل أنحاء الدنيا– وتجسدت وجهتا النظر في كتابين في بداية العشرينات .. الأول : قصص " هنا و الآن "عن ( لوسي سبراجيوميتشل ) ، عام 1921 منطلق أن الأطفال يستمتعون أكثر بالأشياء المعروفة لديهم ، والمفهومة لهم ، من خلال تجاربهم المحدودة .. وكانت ترى أن الحكايات الخرافية للصغار تثيرهم ، وتجعلهم مضطـربين بدلا من أن تعينهم على أن يكونوا على وفاق مع عالمهم الذين يعيشـون فيه ، وكانت ترى أن الطفـل في حاجة – بداية – إلى أن يتعـرف على الأمور العادية قبل أن يدخل إلى دنيا الخرافات .

وكان العمل الثاني – الذي صدر كأنما هو رد على ذلك التحدي – هو كتاب كارل ساندربيرج "حكايات روتاباجا" وظهر عام 1922 ، ومؤلفه كان شاعرا له بعض شهرته ، ومن المحتمل جدا ألا يكون قد قرأ كتب " مسز ميتشل " ، لكنه كان على يقين من أن القصص المتاحة له لكي يقرأها لأطفاله لا تشبع احتياجاتهم ولا احتياجاته ، وبالذات لأنها تفتقر إلى الكلمات الشاعرية ، لكي تواجه تلك الجوانب اللامعقولة ، واللاواقعية ، واللامبررة في الحياة .
واستمرت المعركة ، ولا نظنها قد حسمت أو ستحسم بالكامل ، فنحن لم نعد نتقبل " التطرف " : إذ انتهى عهد رفض كل القصص الخرافية ، وعهد قبول قبول كل القصص الخرافية .. ولم تعد المناقشة مجدية ، طالما كان لدى الطفل الفرصة لكتب منوعة موضوعة بين يديه ، وقد أثبت الأطفال أن الطريق الأوسط سوى وممكن ، وكان دخول ( الكتب المصورة ) إلى الساحة عنصرا حاسما في المعركة ، وهى لا تعنى الكتب ذات الصور والرسـوم ، أو القصص التي تزداد صفحـاتها بلوحات ملونة ، لكن المقصود منها الكتب التي تكون فيها " الكلمة والصورة " وحدة متكاملة مؤثرة ، والرسم هنا ليس لإغراء الطفل واجتذابه ، وليس وسيلة توضيحية ، بل هو والكلمة ضفيرة واحدة لا انفصال ولا انفصام لطرف عن الآخر ..
ولمعت أسماء : كالدكوت ، كراين ، جرينوأي ، بروك ، وعدد آخر من الرسامين الأوروبيين ، وأصبح لهم في أمريكا جمهور كما لهم في كل مكان .. كانت رسومهم وفنونهم الرفيعة المستوى قد اجتذبت إليها الأنظار ، خاصة من جانب مصممي الكتب الذين اتجهوا إليهم لرسم كتب الأطفال .. وكانت الكتب التي رسموها – في الغالب أشعارا وقصصا شعبيا كلاسيكيا وعلى الرغم من ذلك ، ومن أنهم حاولوا أن يبرزوا تفاصيل النصوص الموضوعة بين أيدي الأطفال إلا أن كتبهم ظلت " كتبا مصورة " أي أن الرسوم فيها أكثر أهمية من النصوص .. بل أن الرسوم أحيانا تقول شيئا أكثر مما يقول النص ، وتذهب أبعد مدى منه .. وكانت " المتب المصورة " في أمريكا في تلك الفترة تجمع بين الكاتب والرسام يعطيا أفضل ما كتب عندهم ، يستطيع أحد أن يقول أي الجانبين كانت متعته أكبر .. وفي بعض الأحيان قد يتغلب طرف على آخر ، ولكنه لا يبخسه قدره ولا يقـلل من قيمته .. وكانت البداية كتاب ( الشاطر بل ) عن " وليم نيكلسون " وقد كتب ورسم في انجلترا ونشر في أمريكا عام 1927 ، ثم كتاب ( ملايين من القطط ) عن " واندا جاج " وصدر عام 1928 ، ثم توالت الكتب المصورة .. نعرف منها في العربية ( قصة فردناند ) رسوم " روبرت لاوسون " ، ثم " دكتور سويس " وكان الطابع المميز ، الغالب على هذه الكتب ، هو أن كتابها هم رساموها ، وكانت لديهم الموهبة للعملين معا .. وبعضهم كانت له خلفية من البلدان التي هاجروا منها إلى أمريكا فأثرت رسومهم لبلادهم تلك الكتب الصادرة في هذه الفترة .
وكانت انجلترا دائما لها السبق في مجال الفانتزى والخيال ، وليس من دليل على ذلك غير كتبها الشـهيرة : " أليس في بلاد العجائب ، مارى بوينز " وغيرهما مما أحبه الأطفال في أمريكا كما أحبوه في انجلترا ، وفي كل البلدان التي تقرأ الإنجليزية .. ولم يحل محلهم كتاب الخيال المرح والفانتزى الساخر الذين بدأوا يظهرون في أمريكا ، بل كل ما استطاعوه أن يشاركوا في احتلال جانب من قلوب القراء الصغار ، وأضاف كثيرون أبعادا جديدة للمتع التي يلقاها الأطفال حين يقبلون على هذا اللون من الكتب ، نذكر من بينهم بعض الأسماء :
روبرت لاوسون – روبرت ماكلوسكى – وليم باين دى بوا – جيمس تاربر – ريتشارد وفلورنس أتووتر .
وقد انتشرت القصص العائلية ، ولقيت الإقبـال في أمريكا وفي وغيرها .. واشتهرت نساء صغيرات – ترجمتها السيدة أمينة السعيد – وكان من الواضح أن هذا اللون من الكتابة يناسب الكاتبات ، ويتفوقن فيه كثيرا .. وكانت الأعمال تتمركز حول طفل ، لكن الأسرة تبدو من حوله متماسكة مترابطة .. والاحتياج لهذا اللون في العصر الحديث شديد ، لما أصاب الأسرة من تفكك ، نتيجة لما يصيبها من انفصام لترك الأبناء لها في سن مبكرة .
هذه قائمة بمن أهتم بالقصص العائلية فى الكتابة للطفل :
اليانور فرانسس لاتيمور ، اليزابيث كوتورت ، كـارولين هأي وود ، اليانور ايستيس ، اليزابيث اينريت ، اليزابيث جانيت جرأي ، كات سيردى ، هيلدا فان ستوكوم ، كارول برنك .
وتأتى قبل هؤلاء ، وقبل الجميع الكاتبة الرائعة خالدة الذكر : لورا انجلز ويلدر ، وأنها صاحبة سلسلة ( بيت صغير ) ، التي نجحت في أن تقدم للأطفال قصصا يشعرهم بالأمان والاطمئنان ، وحاجتهم إلى هذه المشاعر ماسة ، لذلك أقبلوا عليها في لهفة وحب .. وهناك البعض ممن حاولوا أن يستخدموا هذا اللون من الكتابة لكي يقدموا أطفال الطبقة العاملة ، أو أبناء الأقليات ..
دوريس جايتس ، لويز لينسكى ، فلورنس كرانول مينز ، لورا أرمير ، جريس مودن .
ونحن لا نستطيع أن نمضى على نفس المنوال إذا تحدثنا عن التاريخ ، والسير والعلوم والشعر ، وتطول قائمة الأسماء ، على أن الكثير من هذه الأعمال مازالت تطبع من جديد على مدى الثلاثين عاما الأخيرة ، حتى ليمكننا أن نقول أن طبعاتها لا تنفذ أبدا ، وهو أمر قد لا يدركه الذين يعيشون مثلنا خارج القارة الأمريكية ، بل قد لا يستوعبه الأمريكيون أنفسهم ، وذلك بجانب الكلاسيكيات الوافدة عليهم من شتى بلدان العالم ، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان وسط هذا الحشد – أن يعرف الآباء والمعلمون وأمناء المكتبات – ما يمكن أن يثير شهية الطفل للقراءة .. ولا يتأتى هذا إلا بمحاولة متابعة ما يصدر ، وكثير منها لا يبقى في الأسواق أكثر من عامين أو ثلاثة ، ثم يأتي طوفان جديد ، وليس أمام المعلمين وأمناء المكتبات في انجلترا والولايات المتحدة إلا أن يشهدوا فترة دراسية حول أدب الأطفال ليتأتى لهم الإلمام ببعض جوانب القضية ، وهو أمر لا يحتاجه زملاؤهم في البلدان الأخرى ، خاصة النامية منها .. والغريب أن ذلك لا يزعج الأمريكيين بل نراهم فخورين به ، وبالكلاسيكيات التي ظهرت في العشرينات والثلاثينات ، لأن أكثر من جيل يتابعها ، وانتهاء دور بعض الكتب ومدتها لا يشكل خطورة إذ أن غيرها يأتي على أثرها ، إنها تتدفق في مجرى يتجدد باستمرار ، خاصة وصناعة كتب الأطفال أصبحت تهم أعدادا كبيرة من الأشخاص المتصلين بالكتب وبالأطفال .
المصدر :
مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام - كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة

رواد أدب الأطفال فى أمريكا

قائمة الأسماء التي نوردها هنا كرواد للكتابة في مجال الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية تعرفنا على الكثير منها خلال الترجمات التي قدمت لكتبهم ، وبالذات تلك التي نشرتها مؤسسة فرانكلين ، وقد تكون هناك تحفظات على دورها وبعض كتبها ، إلا أننا ندين لها بالكثير بالذات في مجال كتب الأطفال ، وكان هؤلاء من بين مؤلفيها ..
أساياها توماس ( يسمى أحيانا نيوبرى الأمريكى ) Esaiah Thomas ، ناتال هوركون ، واشنجتن ايرفنج ، جيمس فينيمور كوبر ، صامويل جود ريتش ، جاكوب أبوت ، مسز هويتنى ، فرنسيس هودجسون بيرنت ، لوكريتيا هال ، مارك توين ، مارى مابسن دودج .
هذه طائفة من الأسماء التي كان لها دورها المؤثر في مجال كتب الأطفال في الولايات المتحدة حتى عام 1980 ، وكثيرون منهم ارتبطوا بالمرحلة التالية ، واستمر عطاؤهم من خلال كتاباتهم في الفترة الانتقالية ، إلا أنهم يظلون منتمين إلى القرن التاسع عشر : بأسلوبهم وموضوعاتهم .. ويعتبر " هوارد بايل " خير ممثل للتغيير الذي حدث ، من العصر الفكتورى إلى الزمن الحديث ، فهو بحكاياته ، ورسوماته تربط ما بين التقاليد القديمة ، وما بين النزعة التجديدية ولم تظهر ملامح أعماله الإبداعية ، في مجالي الكتابة والرسم ، قبل عام 1833 ، وذلك في نماذج متقنة تضفر ما بين العمل الأدبي ، والفني ، وكان ذلك في كتبه : مغامرات روبن هود المرحة ، ملح وفلفل ، الساعة العجيبة ، حديقة خلف القمر ، وأجزائه الأربعة الضخمة حول : أوتوواليد الفضية ، ورجال من حديد .. ومع هوارد بايل لم تعد الولايات المتحدة تابعا في مجال أدب الأطفال لانجلترا وأوربا ، ولم تعد تعتمد بالكامل على الكتب الواردة إليها عبر الأطلنطي .. وكان أميز ما تتصف به هذه المرحلة هو أتساع آفاق الكتابة ، والموضوعات التي ترتادها هذه الكتب ، وقبلها كانت تتحرك في حيز ضيق من الحكايات الشعبية والخيالية من انجلترا وألمانيا (حكايات جريم) والدانمرك ( هانز اندرسون ) ، كما كانت كتب أندرو لانج الملونة واسعة الانتشار في أمريكا ، كما هى في انجلترا ، وهى تضم حكايات من دول عدة وبلدان كثيرة .. كما أن مجموعات قصصية كثيرة لقيت الاهتمام وضمت أعمالا لكل من أسبيرنسون ( النرويـج ) ، باسيل ( ايطاليـا ) ، اربن دنيكونا ( تشيكوسلوفاكيا ) ، وبنشاتنترا ( الهنـد ) ، ومازالت تلقى الاهتمام إلى يومنا هذا .
ولم تتطلع أعين الأطفال إلى الأدب الشعبي فحسـب ، بل بدأت تتجه إلى قصص الأطفال في كل أنحاء الدنيـا .
• مغامرات نيلز هلجرسون من السويد
• ديكيل زويلجسير من النرويج
• بوتيه دى مونفيل من فرنسا
• سلسلة التوائم عن لوسي فيتش بيركز
وكانت هذه هى الأسـماء التي جاءت بعد جاكوب أبوت ومحـاولاته لتقديم ثقـافة البلدان الأخرى للأطفال .
وهنـاك اتجاه آخر بدأ في هذه الفترة ، ولقيت النجاح ، وهى استخدام الحيوانات في بطولات محورية للحكايات ، ولم تكن هذه الحيوانات تمثل شخصيات إنسانية ، مثل قصص " تورنتون بيرجسن " .. (حكايات أمنا العجوز ، الريح الغربية) الرائعة ، بل كانت مخلوقات قوية متوحشة كتلك التي تحدث عنها "جاك لندن" أو تحمل شحنات عاطفية كبيرة مثل ( بلاك بيوتى ) للكاتبة " أنا سويل " ، و( الحيوانات المفترسة التي عرفتها ) وقد كتبها " أرنست طومسون سينون " الذي هاجر من انجلترا إلى الولايات المتحدة ..
وأدب الأطفال في أمريكا تاريخيا – لا يمكن أن ينفصل عن تاريخ المكتبات - فقد شهدت الأعوام الثلاثون ( 1890 – 1920 ) تطورا في الخدمة المكتبية بشكل عام ، إذ بدأ الاهتمام بقاعات خاصة أو أركان للأطفال في المكتبات العامة وأصبح هناك 77 مكتبة في كل منها رفوف لكتبهم وبطاقات وقوائم تحمل عناوينها ..
المصدر :

مركز تنمية الكتاب العربي - الهيئة المصرية العامة للكتاب
الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1984كـتب الأطفـال ومجـلادتهم في الدول المتقـدمة